• Latest News

    الأربعاء، 20 أغسطس 2014

    جرائم استغلال النفوذ

    بحث يتقدم به/ المشاور القانوني المساعد
    مهند محمد راضي
    معاون مدير قسم اقتراح التشريعات/الدائرة القانونية

      المقدمة

    من الاسالیب التي تلجأ الیھا المجتمعات في معالجة العقبات التي تظھر ھو سن مشاریع القوانین، فالقانون ھو اداة  لتنظیم الواقع الاجتماعي الذي بدوره یعبر عن المصالح الاجتماعیة السائدة .
    وحیث ان ھنالك العدید من الجرائم التي ترتكب في بعض المجتمعاتالا ان المشرع لم یلجأ الى وضع الحلول المناسبة  للحد
    من تلك الجرائم ومنھا جرائم استغلال النفوذ وجرائم رشو الموظفین  العمومیین .... الخ .
    وبما ان تلك الجرائم لم یلجأ المشرع الى معالجتھا او الحد من ارتكابھا فلا بد من البحث في كیفیة التوصل الى وضع
     الحلول المناسبة لمثل تلك الجرائم وان البحث
    المقدم سوف یتناول جرائم استغلال النفوذ وكیفیة التوصل الى نتیجة یمكن من خلالھا معالجة ھذه الجریمة .


    وسوف نتناول في ھذا البحث التعریف بجرائم استغلال النفوذ ابتداءاً واساس تجریمھا والتطور التشریعي  لتلك الجرائم 

    ومقارنتھا بالتطور التشریعي على مستوى الاتفاقیات العربیة والدولیة.

    اضافة الى ذلك سیتناول البحث تمییز جرائم استغلال النفوذ عن الجرائم المشابھة لھا في القانون العراقي .

    وعلى ضوء مما ذكر اعلاه سیتم تقسیم البحث الى ثلاث مباحث یتم من خلالھا الخروج بتوصیة یمكن من الاستئناس  بھا في

    صیاغة تشریعیة جدیدة اذا ما طبقت بالنتیجة تؤدي الى الحد من جرائم الفساد في المجتمع العراقي .



    المبحث الاول
    ( ماھیة جرائم استغلال النفوذ )
    المطلب الاول : التعریف بجرائم استغلال النفوذ جرائم استغلال
     النفوذ من الجرائم غامضة الاطار ، مجھولة الاركان ، یشوبھا اللبس والغموض، ولكن بعض المراجع  والتشریعات الفقھیة
     اشارت الى تلك الجرائم الا ان تلك الاشارة لا تغنینا في التعرف
     بشكل كامل عن ھذه الجریمة ، ولما كان ضابط الجریمة في مدلولھا الجنائي ھو ما یحدد العناصر الى جانب  بیانھ للاثر.
    وعلیھ فأن بحثنا یقتضي منا الخوض في بیان تفاصیل تلك الجریمة ووضع تعریف لھا ، وھذا ما سوف نبحثھ في ھذا المطلب .

    جرائم استغلال النفوذ في اللغة استغلال النفوذ تعبیر مركب من كلمتین ھما الاستغلال والنفوذ ولابد من بیان ماھیة ھاتین الكلمتین.
    ان الاستغلال لغة یعني اخذ الغلًة اي اخذ غلة الشيء او فائدتھ ، وھذا یدل على الاستفادة من شيء معین مع بقاء اصل  ذلك الشيء
    اما النفوذ فیقصد بھ الامر النافذ ، اي المطاع ، اي ماضفي جمیع امره
    وعلیھ مما تقدم ذكره فان تعبیر استغلال النفوذ یصبح اخذ غلة او فائدة الامر الماضي او النافذ وھذا ما یجعل النفوذ قریبا من الاشیاء لتي یمكن الحصول على فائدتھ باستغلالھ  .
    اذن استغلال النفوذ یقصد بھ لغة ما یمكن ان یدره النفوذ من فائدة اذا ما تم استخدامھ .

    المطلب الثاني

     اساس تجریم جرائم استغلال النفوذالقانون الاداة الفاعلة لتنظیم الواقع الاجتماعي وھو یعبرعن المصالحالاجتماعیة وكان ولا یزال غایتھ الحیلولة دون الاستغلال  ومراعاة ظروف الانسان وضمان كرامتھ عن طریق تحقیق العدالة الاجتماعیة وھذا  ھو الھدف الاسمى للقانون . وقد مرت على المجتمعات عصورعانت فیھا ابشع انواع الاستغلال وما زالت  تعاني بعضھا لغایة وقتنا ھذا.

    وعلیھ فان الاساس الذي یقوم علیھ تجریم استغلال النفوذ ھوتحقیق  مبدا المساواة والعدالة وھذا سوف یتم تناولھ في فرعین وكما یلي 
    الفرع الاول : مبدأ المساواة
    المساواة تعني محو الامتیازات الخاصة التي تجعل للبعضنفوذا ترجح كفتھم على كفة الاكثریة ,ذلك النفوذ الذي اصحابھ حریة في العمل اكثر مما یستحقون .
    واستغلال النفوذ قد یكون سیاسي او اجتماعي او اقتصادي او اداري والذي یؤدي بدوره الى انتفاء المساواة بین افراد المجتمع وبذلك یشعر اغلبیتھم بالغبن والظلم ، ومن ھذا المنطلق یبرر
    مبدا المساواة كاساس لتجریم ظاھرة استغلال النفوذ وفرض العقوبة على كل من یرتكبھا من افراد المجتمع ایا كانت صفتھ .

    الفرع الثاني : مبدأ العدالة
    ان ھذا المبدا یعتبر كأساس للعقاب الذي یھدف الى تحقیق المصلحة العامة وحیث ان فكرة العقاب تقوم على اساس التكفیر عن الخطأ ، وان العقوبة ھدفھا منع المجرم من تكرار جریمتھ وتھدیدالاخرین من ارتكاب مثل تلك الجرائم .
    ان ھذا المبدا یتنافى مع مبدا الظلم في المجتمع وھو یعكس الواقع الاجتماعي والعلاقات فیما بین القاطنین فیھ ، ومتى ما كانت تلك العلاقات قائمة على اساس من الاحترام والانصاف في التعامل
    المتبادل فیما بینھم .
    ولكن استغلال النفوذ یتحقق عندما یكون ھنالك ظلم بحق بعض الاشخاص دون غیرھم وعدم وجود تعامل منصف بحیث یكون ھنالك طرف قوي ومتنفذ واخر ضعیف منفذ علیھ .
    ولما كانت ظاھرة استغلال النفوذ جزء من ظاھرة الاستغلال بشتى انواعھ في المجتمع وان القضاء على تلك الظاھرة یحقق مبدا العدالة في المجتمع .

    المطلب الثالث : اركان جریمة استغلال النفوذ

    ان لكل جریمة ركنان اساسیان وھما الركن المادي المتمثل بالفعل او الامتناع عن القیام بالفعل والذي بموجبھ القانون یقرر معاقبة مرتكبھ .
    اما الركن المعنوي فیقصد بھ صدور ذلك الفعل من شخص لھ ارادة وادراك ولھ قصد من القیام بذلك الفعل وھو ارتكاب جریمة یعاقب علیھا القانون .
    وحیث ان دراسة كل جریمة بشكل منفصل ھي التي تمكننا من الوصول الى ركنھا الخاص بالاضافة الى الركنین الاساسیین وبما ان جرائم استغلال النفوذ قد تم تعریفھا فیمكن ان نستنتج ان
    تلك الجرائم تتضمن استخدام النفوذ ایا كان مصدره ، ان یكون النفوذ لدى اي جھة سواء كانت عامة او خاصة ، الحصول على منفعة مادیة او معنویة لمصلحتھ او للغیر  .
    ومن خلال بحث مثل ھذه الجریمة یمكن القول بان الركن الخاص لھذه الجریمة ھو ( النفوذ ) الذي یعتبر الاساس لتجریم الفعل في جرائم استغلال النفوذ و بانتفائھ تنتفي الجریمة ، اما الاستغلال فیمكن ان یرد على النفوذ او غیره ، فاذا انصب الفعل على النفوذ كییفت الجریمة بانھا جریمة استغلال النفوذ ، اما اذا انصب الفعل على غیر النفوذ فیمكن تكییفھا بحسب ظروف الجریمة واركانھا .

    المطلب الرابع : انواع جریمة استغلال النفوذ
    النفوذ على نوعین :
    اولا : النفوذ الحقیقي
    وھو النفوذ المستمد من النواحي ( وظیفیة ، سیاسیة ، اجتماعیة ، اقتصادیة ) ، بصورة منفردة او مجتمعة ، ومتى ما استمد الشخص نفوذه من الواقع فیعتبر ذلك استغلالا حقیقیا وھو الصفة
    الغالبة في جریمة استغلال النفوذ . ومن الامثلة على جریمة استغلال النفوذ الحقیقي ، جریمة استغلال النفوذ من الناحیة الاقتصادیة.
    وفقا لما ورد بان محكمة التمییز صادقت على قرار ووصف الجریمة لمحكمة الجزاء الكبرى لمحافظة دیالى بتجریم متھم استغل نفوذه المستمد من الناحیة الاقتصادیة وقام بملاوطة اجیره 
    وقد جاء في حیثیات الحكم تجریم المتھم (ك) وفق الفقرتین ( ١،٢ ) من المادة ٣٩٦ عقوبات لملاوطتھ بالصبي المجنى علیھ (ر) البالغ من العمر ثلاث عشر سنة عن طریق التغریر والاستغلال باستخدامھ لدیھ كأجیر.
    ثانیا : النفوذ المزعوم
    یتحقق عندما یدعي شخص معین لنفسھ نفوذا ایا كان والحقیقة لیست كذلك كأن یدعي بان لھ علاقة مع مسؤول حكومي كبیر او ان یدعي بان لدیھ اموال طائلة یمكن من خلالھا الحصول
    على منافع شخصیة ... الخ .
    وقد اصدرت محكمة الثورة في قرار لھا تتلخص القضیة في ادعاء احد الاسخاص بصفة مھمة في الاجھزة الامنیة الخاصة.

    المبحث الثاني
    التطور التشریعي لجرائم استغلال النفوذ
    ان ظاھرة استغلال النفوذ من الظواھر التي اتسع انتشارھا في المجتمعات كافة سواء كانت على الصعید الوطني او العربي او الدولي ، وسوف یتم تناول التطور التشریعي لجرائم استغلال النفوذ في الشریعة الاسلامیة ، والتطور التشریعي لجرائم
    استغلال النفوذ في القانون العراقي ، والتطور التشریعي لجرائم استغلال النفوذ في الاتفاقیات العربیة ، والتطور التشریعي لجرائم استغلال النفوذ في الاتفاقیات الدولیة.

    المطلب الاول : التطور التشریعي لجرائم اسغلال النفوذ في الشریعة الاسلامیة :
    ان جریمة استغلال النفوذ لھا جذور اسلامیة ورد الحكم بتجریمھا حیث ان ھذه الجریمة واضحة المعالم في القران الكریم (سماعون للكذب ، اكالون للسحت فان جاؤك فاحكم بینھم او اعرض عنھم وان تعرض عنھم فلن یضروك شیئا ، وان حكمت فاحكم بینھم بالقسط ، ان الله یحب المقسطین ).
    ویقصد بالسحت كل مالا یحل كسبھ وجاء في القران الكریم ( ولا تأكلوا اموالكم بینكم بالباطل وتدلوا بھا الى الحكام لتأكلوا فریقا من اموال الناس بالاثم وانتم تعلمون ).
    اما في السنة النبویة فنجد ان الرسول محمد صلى الله علیھ والھ وسلم قال ( انما اھلك من قبلكم من الامم انھم كانوا اذا سرق فیھم الشریف تركوه ، واذا سرق فیھم الضعیف افاموا علیھ الحد ،
    وایم الله لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت یدھا ).
    حیث ان في ھذا الحدیث اشارة واضحة الى جرائم استغلال النفوذ حیث اشار الى الشریف والذي یقصد بھ في ھذا الحدیث ھو من یمتلك مكانة او نفوذ في المجتمع فاذا ارتكب جریمة معینة في
    ذلك المجتمع فلا یطبق علیھ القانون ، اما الضعیف والذي یقصد بھ من لا نفوذ او مكانة اجتماعیة في المجتمع فلا یطبق علیھ القانون .

    المطلب الثاني : التطور التشریعي لجرائم استغلال النفوذ في العراق :
    العدید من القوانین العراقیة اوردت احكاما لبعض صور جرائم استغلال النفوذ الا ان تلك الاحكام بقیت قاصرة ، وبقیت الجرائم غامضة الاطار مبھمة الاركان یشوبھا اللبس والغموض وھذا ما
    یتضح لنا من خلال عرض بعض الجرائم ومقارنتھا بجرائم استغلال النفوذ .
    وحیث ان قانون العقوبات العراقي لم یرد فیھ نص صریح یوضح جرائم استغلال النفوذ والعقوبات المفروضة على مرتكبھا ولكن الاتجاه السائد في قانون العقوبات ھو الذي یذھب الى ( استغلال النفوذ من قبل العامل في الدولة اذا طلب او قبل لنفسھ او لغیره عطیة او منفعة او میزة . او وعدا بشيء لاداء عمل او الامتناع عن عمل لا یدخل في اعمال وظیفتھ )
    وھذا ما یبین لنا ان لتحدید صفة مستغل النفوذ ھو ان یكون مرتكب الجریمة عاملا في الدولة.

    المطلب الثالث : التطور التشریعي لجرائم استغلال النفوذ في القوانین الخاصة بالعراق
    ان العراق قطع شوطا كبیرا في الحد من جرائم الفساد بشكل عام والحد من جرائم استغلال النفوذ بشكل خاص عندما تضمنتھا بعض القوانین التي شرعت في العصر الحدیث ومنھا على سبیل
    المثال لا الحصر :
    ١. قانون العقوبات العسكري رقم ١٩ لسنة ٢٠٠٧ أفرد الفصل الثامن منھ لجرائم استغلال النفوذ من المادة ( ٥٢- ٦٠).
    ٢. قانون عقوبات قوى الامن الداخلي رقم ١٤ لسنة ٢٠٠٨ خصص الفصل السابع منھ لجرائم استغلال النفوذ من المادة ( ٢٢  ٢٦).

    المطلب الرابع : التطور التشریعي لجرائم استغلال النفوذ في اتفاقیات الدول العربیة
    الدول العربیة قطعت شوطا كبیرا في الاعداد للحد من جرائم الفساد بشكل عام وان التصدي لمثل تلك الظواھر الاجرامیة كان من اولویات عمل الدول العربیة حیث اخذت جامعة الدول العربیة
    على عاتقھا عملیة التنسیق والتعاون بین الدول العربیة ، وقد تم اعداد الاتفاقیة العربیة لمكافحة الفساد والتي صادق علیھا ممثلي جمھوریة العراق والتي لم تدخل حیز التنفیذ لغایة كتابة ھذا
    البحث .
    ان الاتفاقیة العربیة لمكافحة الفساد اشارت الى صور الجرائم التي تعد من جرائم الفساد وحیث ان الفقرة السادسة من المادة الخامسة اشارت الى جرائم ( المتاجرة بالنفوذ ) والتي لایختلف مضمونھا او محتواھا عن جرائم استغلال النفوذ .
    المطلب الخامس: التطور التشریعي لجرائم استغلال النفوذ في الاتفاقیات الدولیة
    جرائم الفساد انتشرت بشكل كبیر وفعال في اغلب دول العالم الامر الذي حدى بمنظمة الامم المتحدة الى اتخاذ اجراءات سریعة ورادعة من اجل الحد من تلك الجرائم والاسراع في وضع قواعد واجراءات تكفل للدول الاطراف ملاحقة مرتكبي تلك الجرائم لاسیما جرائم استغلال النفوذ.
    ومن اجل تفعیل دور تلك الدول ومساعتھا في القضاء على جرائم الفساد شرعت الامم المتحدة الى تشریع اتفاقیة الامم المتحدة لمكافحة الفساد في عام ٢٠٠٣ والتي صادق علیھا العراق في
    القانون رقم ( ٣٥ ) لسنة ٢٠٠٧ . وقد نصت المادة ( ١٨ ) من اتفاقیة الامم المتحدة لمكافحة الفساد الى جرائم ( المتاجرة النفوذ )

    المبحث الثالث
    تمییز جریمة استغلال النفوذ عن غیرھا من الجرائم
    ان جریمة استغلال النفوذ تثیر كثیرا من الاشكالات في التطبیق العملي،وقبل البحث في الیات التشخیص لتلك الجریمة ووسائل الوقایة والمنع ولعدم وجود ھیكل خاصبھذه الجریمة في النظام
    القانوني ، وسوف نتناول في ھذا المطلب تمییز جریمة استغلال النفوذ عن غیرھا من الجرائم .

    المطلب الاول: جریمة الرشوة وجرائم استغلال النفوذ
    جریمة الرشوة ھي اتجار الموظف باعمال وظیفتھ وھي تتطلب وجود طرفین ، موظف او مستخدم یطلب او یقبل او وعد بھدیة مقابل قیامھ بواجب او امتناعھ عن واجب من واجبات وظیفتھ .
    وقد اختلف الفقھ في تكییف تلك الجریمة حیث ذھب الاتجاه الاول الى ان جریمة الرشوة ھي جریمة واحدة رغم وجود طرفین ( الراشي والمرتشي ) ، بینما یذھب الطرف الثاني الى ان جریمة الرشوة تتكون من جریمتین منفصلتین ھما جریمة الراشي وجریمة المرتشي وحیث اننا نؤید ما ورد بالاتجاه الذي ذھب الیھ الطرف الثاني لتحقق اي من عناصر جریمة الرشوة التي سوف نتطرق الیھا لاحقا .
    وعناصر الرشوة ھي عنصر مفترض وھو الصفة الخاصة بالمرتشي اي ان یكون ھنالك موظف او مكلف بخدمة عامة ویعمل في اي من قطاعات الدولة ، وعنصر مادي وھو النشاط الاجرامي الذي تتحقق بھ الجریمة في نظر القانون ، وعنصر ادبي وھو القصد الجنائي اي العلم بان ما حصل علیھ الموظف مقابل القیام بعمل او الامتناع عن القیام بذلك العمل . بعد ھذا التوضیح لجریمة الرشوة ننتھي بالقول ان جریمة الرشوة لا یمكن ان تقع الا بوجود موظف او مكلف بخدمة عامة بینما جریمة استغلال النفوذ یمكن ان تقع من العاملین في الدولة اومن غیرھم .
    كذلك ان جریمة الرشوة ترد على الوظیفة العامة فقط بینما جریمة استغلال النفوذ ترد على وظیفة عامة او قطاع خاص.
    بالاضافة الى ان جریمة الرشوة تتحقق بارتكاب الفعل مقابل اداء عمل او الامتناع عن ارتكاب ذلك العمل ضمن نطاق الوظیفة العامة بینما تتحقق جریمة استغلال النفوذ بارتكاب الفعل سواء
    مقابل اداء عمل او امتناع عن عمل من اعمال الوظیفة العامة او غیرھا .

    المطلب الثاني : جریمة الوساطة وجرائم استغلال النفوذ

    ان جریمة الوساطة نصت علیھا المادة ( ٣٣٠ ) من قانون العقوبات  یعاقب بالحبس كل موظف او مكلف بخدمة عامة امتنع بغیر حق عن اداء عمل من اعمال وظیفتھ او اخل عمدا بواجب من  واجباتھا نتیجة لرجاء او توصیة او وساطة او لاي سبب اخر غیر مشروع
    ومن خلال ما ورد بالنص فان جریمة الوساطة تتحقق بتوافر ثلاث اركان وھي :
    الركن المادي المتمثل باستجابة الموظف للتوصیة او الوساطة وقیامھ بالعمل او الامتناع عن القیام بعمل او الاخلال بالعمل .
    اما الركن المعنوي فیتمثل بالقصد الجنائي .وحیث ان الركن الثالث ( المفترض ) ما ھو الا وجود موظف او مكلف بخدمة عامة .
    وفي الحقیقة فان الوساطة انما تتمثل في صورة رجاء او توصیة او غیر ذلك ، وحیث ان الرجاء فیتحقق باستعطاف او استمالة الوظف او دعوتھ الى قضاء الحاجة ، اما التوصیة فتصدر من
     شخص ذي مكانة لدى الموظف حملھ على قضاء حاجة معینة
    وبعد ان استعرضنا جریمة الوساطة واركانھا نخلص القول الى ان كل من جریمة استغلال النفوذ وجریمة الوساطة ذاتیة خاصة یمكن بیانھا في ان جریمة الوساطة تفترض تخلف المقابل اطلاقا
    في حین ان جریمة استغلال النفوذ تفترض تحقق المقابل حتما .من جانب اخر ان جریمة الوساطة تقع من شخص لھ مكانة لدى موظف عام او من في حكمھ بینما جریمة استغلال النفوذ
    تقع من شخص لھ نفوذ لدى موظف عام او احد الاشخاص .اضافة الى ذلك ان جریمة الوساطة غالبا ما تكون على شكل رجاء او توصیة وقد تستجیب او لا تستجاب ، اما جریمة استغلال
    النفوذ فتقع على صورة امر مستجاب وبصورة دائمیة.كذلك ان جریمة الوساطة تقع في مجال الوظیفة بینما جریمة استغلال النفوذ فتقع في مجال الوظیفة او غیرھا .

    المطلب الثالث : جریمة الاحتیال وجریمة استغلال النفوذ

    الاحتیال یقصد بھ الاستیلاء على الحیازة الكاملة لمال الغیر عن طریق الخداع بحیث تسفر تسلیم ذلك المال ولجریمةالاحتیال ركنان وھما الركن المادي والركن المعنوي .
    الركن المعنوي یقصد بھ الوسیلة التي یستعملھا الجاني لتحقیق ما یھدف الیھ وھو الاستیلاء على منقول مملوك للمجنى علیھ بطریقة الاحتیال وكما حددھا المشرع في تعریف جریمة الاحتیال .
    اما الركن المعنوي فیقصد بھ القصد الجنائي الذي یلزم لتوفره علم الجاني بارتكابھ لتلك الجریمة وان یقصد بھ تملك الجاني لمال الغیر.
    ومما تقدم من عرض لتلك الجریمة فاننا نتوصل الى ان جریمة الاحتیال وجریمة استغلال النفوذیشتركان بنقطة التقاء واحدة وھي النفوذ المزعوم .
    اما وجھ الخلاف بین الجریمتین فتكمن في :
    ١. ان تحقق جریمة استغلال النفوذ تتحقق باستعمال النفوذ الحقیقي والنفوذ المزعوم ، اما جریمة الاحتیال فتتم باعتماد طرق الاحتیال والنفوذ المزعوم .
    ٢. القصد من وراء ارتكاب جریمة استغلال النفوذ ھو الحصول على مقابل مادي او معنوي، اما القصد من ارتكاب جریمة الاحتیال فھو الحصول على مال منقول مملوك للغیر .

    المطلب الرابع : جریمة الكسب غیر المشروع وجرائم استغلال النفوذ

    جریمة الكسب غیر المشروع عرفھا القانون العراقي في قانون الكسب غیر المشروع رقم ١٥ لسنة ١٩٥٨ویشترط لتحقق جریمة الكسب غیر المشروع ثلاثة اركان ھي :
    ١. الركن المفترض : ان یكون الجاني من الاشخاص الواردة اسمائھم ضمن المادة الاولى
    من القانون المذكور او ان یكون الجاني شخصا طبیعیا او معنویا تواطا مع الاشخاص الواردة اسمائھم في المادة الاولى على استغلال وظیفتھم او مركزھم .
    ٢. الركن المادي یتحقق الركن المادي بحصول الجاني على مال بطرق غیرمشروعة ، وان یكون بسبب اعمال او استغلال نفوذ او ظروف الوظیفة او المركز، وان تكون ھنالك علاقة سببیة بین الحصول على ذلك المال والاستغلال .
    ٣. الركن المعنوي یقصد بھ انصراف ارادة الجاني الى استغلال الخدمة او الصفة او النفوذ للحصول على مال لنفسھ او بالتواطؤ مع الغیر ، مع علمھ بان الحصول على المال یتم عن طریق الاستغلال.
    من خلال ماتقدم من عرض موجزعن جریمة الكسب غیر المشروع وفي ضوء البحث عن جریمة استغلال النفوذ لابد لنا من بیان ذاتیة كل منھما :
    ١. تتحقق جریمة الكسب غیر المشروع بالحصول على المال ، في حین تتحقق جریمة استغلال النفوذ بتحقق مقابل سواء اكان مالا او منفعة او غیرھا .
    ٢. تتحقق جریمة الكسب غیر المشروع بسبب اعمال استغلال نفوذ او ظروف الوظیفة او المركز ، بینما تتحقق جریمة استغلال النفوذ باعتماد النفوذ .
    ٣. لتحقق جریمة الكسب غیر المشروع عن طریق استغلال النفوذ ، یجب ان یكون ذلك عن طریق استغلال النفوذ الحقیقي .
    ٤. یسري حكم جریمة الكسب غیر المشروع على الاشخاص الواردة اسمائھم في قانون الكسب غیر المشروع حصرا ، بینما یسري حكم جریمة استغلال النفوذ على كل من یعتمد نفوذه .
    خلاصة القول مما تقدم من مقارنة بین جرائم استغلال النفوذ والجرائم المشابھة لھا نجد ان ھنالك اختلاف واضح بین جریمة استغلال النفوذ والجرائم الاخرى وان ھنالك الكثیرلا یمیزون بین
    جریمة استغلال النفوذ وتلك الجرائم ، حیث ان جریمة استغلال النفوذ جریمة مستقلة بحد ذاتھا .

    المطلب الخامس : جرائم استغلال النفوذ في القوانین الخاصة وجرائم اتغلال النفوذ
    في اتفاقیة الامم المتحدة لمكافحة الفساد .

    من خلال دراستنا لجریمة استغلال النفوذ في قانون العقوبات العسكري العراقي رقم ( ١٩ ) لسنة٢٠٠٧ ومقارنتھ بجرائم استغلال النفوذ في اتفاقیة الامم المتحدة لمكافحة الفساد نلاحظ ان القانون افرد بابا خاصا لتلك الجریمة في مجموعة من المواد ابتداءا من المادة ( ٥٢ ) ولغایة المادة ( ٥٦) منھ ، وحیث ان الركن الخاص لارتكاب الجریمة یكون من خلال استخدام النفوذ الحقیقي فقط دون اللجوء الى النفوذ المزعوم او المفترض على فرض ان القانون ھو قانون خاص ومعالجتھ كانت وفقا لمتطلبات العمل في تلك المؤسسة ، ولا یمكن استعمالھ الا من قبل الخاضعین لھ دون الاشارة الى النفوذ المزعوم .
    في حین ان اتفاقیة الامم المتحدة لمكافحة الفساد اشارت الى الركن الخاص في جرائم استغلال النفوذ بشكل عام ھو النفوذ سواء كان النفوذ حقیقي ام مزعوم ، وھذا ما اشارت الیھ المادة ( ١٨) من الاتفاقیة .
    اضافة الى ان قانون عقوبات قوى الامن الداخلي رقم ( ١٤ ) لسنة ٢٠٠٨ افرد بابا خاصا لجرائم استغلال النفوذ واسماه( جرائم اساءة استعمال نفوذ الوظیفة ) واشار الیھا في المواد من
    (٢٢  ٢٦ ) ، كذلك الحال بالنسبة للركن الخاص في تلك الجریمة فقد اشترط ارتكابھا من قبل )
    رجل الشرطة سواء كان ضابطا او منتسبا ولم یشیر الى ارتكابھا من قبل اي شخص اخر على فرض ان تطبیقھ یكون من قبل الخاضعین لھ فقط دون الاشارة الى اي شخص اخر مما یجعل
    التطبیق لمن لم یخضعوا لھذا القانون یكون وفقا للقواعد العامة .
    بینما اتقاقیة الامم المتحدة لمكافحة الفساد اشارت الى الركن الخاص في تلك الجریمة بالنفوذ سواء كان حقیقیا ام مزعوما وھذا ما اشارت الیھ الاتفاقیة في المادة ( ١٨ )منھا.

    الخاتمة
    من خلال البحث في جرائم استغلال النفوذ ومقارنتھا بالجرائم المشابھة لھا، والتي قد یتولد لدى القاريء تصور معین بانھا من جرائم استغلال النفوذ ، ولكن بعد ان بینا اوجھ التشابھ والاختلاف
    بینھا وبین تلك الجرائم تبلورت لدینا فكرة ان تلك الجرائم ( جرائم استغلال النفوذ ) ،وان كان یشوبھا الغموض او اللبس الا اننا نوصي بما یلي :
    ١. فرد باب او فصل او مبحث من قانون العقوبات رقم ١١١ لسنة ١٩٦٩ المعدل لجرائم استغلال النفوذ واحتوائھا كل ما یتعلق بتلك الجرائم من اركان مادیة ومعنویة وخاصة بالاضافة الى العقوبات الواجب فرضھا على مرتكب تلك الافعال.
    ٢. حث الجھات المعنیة بمكافحة الفساد على اقتراح تشریع یتلائم مع ما ورد ببنود الاتفاقیة العربیة لمكافحة الفساد بعد دخولھا حیز التنفیذ .
    ٣. نظرا لما یعانیھ الواقع التشریعي من قصور واضح في مجال التشریعات ذات الصلة بمكافحة الفساد ، ورغم صدور القوانین الخاصة بجھات رقابیة مھمة كھیئة النزاھة ودیوان الرقابة المالیة ، الا ان الحاجة لا تزال قائمة لتشریع قوانین وانظمة وتعلیمات
    لمعالجة العدید من الظواھر التي یمكن تبویبھا ضمن اطار (الفساد ) لیكون ذلك ترجمة واضحة لالتزام النظام القانوني في العراقي لمقتضیات تنفیذ اتفاقیة الامم المتحدة .
    ٤. حث مجلس النواب / لجنة النزاھة على دعم تشریع مسودة قانون مكافحة الفساد ؛كونھ یتضمن في مواده معالجة حتمیة لجرائم استغلال النفوذ وبما یتناسب مع اتفاقیة الامم المتحدة لمكافحة الفساد .

    المصادر
    ١- القرآن الكریم.
    ٢- لسان العرب  المحیط  للعلامة ابن منظور ، معجم لغوي علمي دار لسان العرب ، بیروت المجلد الثالث.
    ٣- المنجد في اللغة والادب والعلوم  ط ١٨ المطبعة الكاثولیكیة ، بیروت .
    ٤- محكمة التمییز  رقم القرار ١٩٠٥ / جنایات ٩٧١  تاریخ القرار ١٩٧١/٩/٢١.
    ٥- اتفاقیة الامم المتحدة لمكافحة الفساد المصادقة علیھ بموجب القانون رقم ٣٥ لسنة ٢٠٠٧ المادة ١٨ منھا .
    ٦- الدكتور حسن صادق مرصفاوي  قانون العقوبات الخاص  منشاة المعارف بالاسكندریة ، ١٩٧٨.
    ٧- انظر الدكتور صباح كرم شعبان  جرائم استغلال النفوذ  الطبعة الاولى١٩٨٣ .
    ٨- انظر الدكتور ابو المعاطي حافظ ابو الفتوح  القانون الجنائي المغربي ، المرجع السابق ، ١٩٧٨  ١٩٧٩.
    ٩- قانون العقوبات رقم ١١١ لسنة ١٩٦٩ المعدل .
    ١٠ - نظر الدكتور احمد امین بك  شرح قانون العقوبات المصري  القسم الخاص، الجزء الاول  المرجع لسابق .
    ١١ - انظر : محمد كامل ابراھیم نوفل  شرح قانون الكسب غیر المشروع.




    • Blogger Comments
    • Facebook Comments

    0 التعليقات:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: جرائم استغلال النفوذ Rating: 5 Reviewed By: احمد هندي
    Scroll to Top custom blogger templates