• Latest News

    الأربعاء، 20 أغسطس 2014

    الوحدات المكونة للفيدرالية



    الوحدات المكونة:

    الهندسة السياسية للفدرالية
    تتشكل الأنظمة الفدرالية من خلال هندستها السياسية. فقد تضم ما بين وحدتين
    مكونتين إلى ٨٠ وحدة. وقد تشكل أكبر وحدة أو وحدتين أغلبية واضحة في الدولة
    أو قد يكون لها وزن صغير نسبيًا. وقد تكون الوحدات الكبرى أكبر بكثير من أصغرالوحدات وقد تكون مقاربة لها نسبيا في الحجم. وقد تفتقر الوحدات شديدة الصغر
    أو الأقل تطورًا إلى القدرة على تحمل مسؤوليات حكومية.
    يتراوح عدد سكان الأنظمة الفدرالية ما بين أكثر من مليار شخص كما هو الحال في
    الهند ومجرد ٤٦ ألف شخص في سانت كيتس ونيفيس. وتعتبر الوحدات المكونة
    الأكبر حجمًا في بعض الأنظمة الفدرالية أكبر من العديد من الدول: فأتار براديش
    في الهند تضم ١٦٠ مليون نسمة، بينما تضم كاليفورنيا ٣٤ مليون شخص. ونجد
    على الطرف النقيض بعض الوحدات المكونة شديدة الصغر (مع استبعاد الوحدات
    الخاصة) مثل نيفيس التي تضم ١٢ ألف نسمة فقط، ولكن حتى في اتحاد فدرالي كبير
    مثل روسيا، تضم منطقة أفنكي ذات الحكم الذاتي ١٤ ألف نسمة فقط. ومن الواضح أن
    قضية الحجم المطلق تؤثر على القدرات الحكومية والديناميكيات السياسية.
    وتساعد أعداد الوحدات المكونة وأحجامها النسبية في تشكيل سياسات النظام
    الفدرالي. فروسيا والولايات المتحدة تضمان أكبر عدد من الوحدات – ٨٦ و ٥٠ على
    التوالي– في حين أن أكبر الوحدات حجمًا فيها تضم نسبة صغيرة نسبيًا من عددالسكان في البلد ككل (موسكو ٧٪ وكاليفورنيا ١٢ ٪). إن وجود هذا العدد الكبير منالوحدات، مع عدم تمتع أي وحدة بحجم كبير نسبيًا، ربما يكون قد ساعد على مركزية السلطات في مثل هذه الدول. ويمكن قول نفس الشيء عن نيجيريا، منذ عودتها إلى الحكم المدني، وهي التي تتألف من ٣٦ ولاية ولا يزيد عدد سكان أي منها عن ٧٪
    من مجموع سكان البلد.
    ونجد، على النقيض الآخر، في الأنظمة الفدرالية التي تضم ما بين وحدتين و ٤
    وحدات أن هناك عادة إقليمًا واحدًا مسيطرًا وسياسات غير مستقرة على الإطلاق،
    وغالبًا ما تتضمن حركة انفصالية، بالرغم من أن الأمر يتوقف على ما إذا كانت

    الوحدة الكبرى أم الصغرى هي الانفصالية.
    وتقع معظم الأنظمة الفدرالية بين هذين النقيضين، حيث تضم ما بين ٦ وحدات مكونة
    (أستراليا) و ٣١ (المكسيك). ويبدو أن مثل هذه الأعداد تعمل على جعل العلاقات
    البينحكومية قابلة للإدارة بشكل أفضل والأنظمة مستقرة بشكل نسبي (إلا أنه من المدهش مدى تركيز المجموعة الأوروبية على تعزيز نظام صنع القرار فيها مع ارتفاع عدد أعضائها من ستة دول إلى سبعة وعشرين). ويضم القليل من تلك الأنظمةالفدرالية وحدات ذات أعداد سكانية كبيرة بشكل خاص(تضم مقاطعة أونتاريو ٣٩ ٪
    من عدد سكان كندا، ومقاطعة بوينس آيرس ٣٨ ٪ من سكان الأرجنتين، ونيو ساوث ويلز ٣٤ ٪ من عدد سكان أستراليا) والتي يمكنها أن تلعب دورًا محوريًا في سياسات الدولة وخلق توترات مع أجزاء أخرى من البلد. وتوجد هنا بالطبع عوامل أخرى تؤثر على التوترات في الأنظمة الفدرالية ومنها بشكل ملحوظ التعددية الداخلية في

    تلك الأنظمة.

    أنواع الوحدات المكونة
    تتكون الأنظمة الفدرالية عادة من فئة رئيسية واحدة للوحدات المكونة - يطلق عليها غالباً اسم ولاية أو مقاطعة - على المستوى التحت وطني. وغالبًا ما تكون هناك فئات ثانوية أيضًا للأقاليم الأقل تطورا والمناطق الخاصة بالعواصم. وكثيرًا ماتتطور الأقاليم إلى وحدات مكونة جديدة. وقد قامت بعض الأنظمة الفدرالية بإضفاءصفة دستورية على حكومات البلديات كمستوى ثالث من الحكم.
    تقوم الأنظمة الفدرالية عادةً بتقسيم مناطقها إلى مستوى رئيسي من الوحدات المكونةمثل الولايات أو المقاطعات. غير أن بعض الأنظمة الفدرالية لديها وحدات إقليميةخاصة لها وضع دستوري أقل من غيرها مما يجعلها عادة خاضعة قانونيًا للحكومةالمركزية. وقد تشمل تلك الوحدات منطقة العاصمة الوطنية، والمناطق النائية أوغير الآهلة بالسكان، والمواقع القبلية الخاصة، أو الأقاليم عبر البحار. وقد تكونلها ترتيبات تمويلية خاصة. وعادة تضم هذه الوحدات الإقليمية الخاصة، باستثناءمناطق العواصم الوطنية، أعدادًا سكانية صغيرة نسبيًا ويكون لها وزن قليل في عملالنظام الفدرالي. وأقامت بعض الأنظمة الفدرالية، خاصة التي يسكنها عدد كبير منالمهاجرين، وحدات مكونة جديدة من هذه المناطق بعد أن أصبحت متطورة وعاليةالكثافة السكانية. (كانت قضية القبول بولايات جديدة في الاتحاد سببًا محوريًا للحربالأهلية الأمريكية).
    ويوجد في روسيا تنوعًا معقدًا من الوحدات المكونة - كالجمهوريات والمناطق(أوبلاست) والأقاليم (كريس) ومناطق الحكم الذاتي (أوكرجس) والمدن ذات الأهمية الفدرالية - ولكنها جميعًا، وتحت نظام [الرئيس الروسي فلاديمير] بوتين، لا تختلف بشكل كبير من حيث وضعها أو سلطاتها.

    يقع تعريف الحكومة البلدية والمحلية وسلطاتها، في معظم الأنظمة الفدرالية، ضمن الاختصاصات القانونية لحكومة الوحدة المكونة. وقد قامت بعض الأنظمة الفدرالية(البرازيل والهند والمكسيك وجنوب أفريقيا) بإضفاء صفة دستورية على هذاالمستوى من الحكومة مما أعطاها بعض الوضع الاستقلالي، رغم أنه أقل مما تتمتع
    به الوحدات المكونة على مستوى الولايات أو المقاطعات.

    التعددية الاجتماعية للوحدات المكونة
    تتباين الأنظمة الفدرالية بشكل كبير فيما يتعلق بمدى انعكاس وجود مجتمعات
    سكانية إقليمية مميزة على تشكيل الوحدات المكونة.
    تتمتع بعض الأنظمة الفدرالية - الأرجنتين والنمسا وأستراليا والبرازيل وألمانياوالمكسيك والولايات المتحدة - بوجود لغة سائدة بوضوح ومستويات منخفضة نسبيامن التميزات الإثنية والدينية. وقد تتضمن تلك الدول اختلافات إقليمية هامة ولكن تعريف وحداتها الفدرالية لم تتم هيكلته حول إدارة الانقسامات الدينية أو الإثنية أواللغوية. ويمكن أن يشعر المواطنون في الأنظمة الفدرالية شديدة التعددية بهويتهم المميزة بشكل حاد، وغالبًا ما تكون الانقسامات بشأن تلك الهويات أحد الملامح المركزية في الحياة السياسية. وعندما تتمركز تلك المجموعات بشكل إقليمي، فقد تصبح خصائص الوحدات المكونة وتركيبها عنصرًا هامًا في النظام الفدرالي.

    فبعض الأنظمة الفدرالية لديها أغلبية إثنية أو لغوية واضحة (بلجيكا وكندا وأسبانياوروسيا) ولكنها تضم أقلية واحدة كبيرة (بلجيكا وكندا ) أو أقليات عديدة صغيرة(أسبانيا وروسيا)، بينما يوجد لدى اتحادات فدرالية أخرى (إثيوبيا والهند ونيجيريا)
    عدد استثنائي من اللغات والديانات والقوميات دون أن يشكل أي منها أغلبية وطنية.
    وغالبا ما تتقاطع الانقسامات الإثنية واللغوية والدينية مع بعضها البعض - تعتبرسويسرا الحالة الكلاسيكية هنا - وهذا من شأنه المساعدة على التخفيف من الاستقطاب الاجتماعي. بل وغالبًا ما يكون أصعب على أي مجتمع القيام بإدارة انقسام واحد سائدأو الانقسامات المدعومة بقوة بين مجموعتين متميزتين من السكان من التعامل مع

    انقسامات متعددة في العديد من المجتمعات السكانية.

    ويمكن أن تكون الفدرالية مفيدة في تلبية مثل هذه التعدديات حيث أنه من الممكن أن تصبح المجتمعات السكانية الهامة المتمركزة في الأقاليم أغلبية في الوحدات المكونةالتي تتبعها. غير أن المجموعات ليست كلها كبيرة أو متمركزة بالشكل الكافي لتلاءم إحدى الوحدات المكونة ولا تتمتع إطلاقًا أي وحدة قائمة على أساس إقليمي بوجود تجانس سكاني كامل. لذلك يجب الأخذ في الاعتبار حقوق الأقليات في داخل الوحدات والدعوات إلى إقامة وحدات مكونة جديدة لهذه »الأقليات داخل أقليات «. كما توجدفي بعض البلدان أيضًا ضغوط انفصالية يمكن أن تتأثر بطبيعة الوحدات المكونة(كما سيتم بحثه لاحقًا في الفصل التاسع). وأخيرًا تعتمد الأهمية السياسية للفوارق- سواء الدينية أو اللغوية أو الإثنية - على قوة الهوية والمواقف العامة: فهناك حالات ما زالت فيها الفوارق التي كانت سابقًا سببًا للانقسام، كما هو الحال بين البروتستانتوالكاثوليك، هامة من الناحية الإحصائية في الوقت الحاضر ولكنها فقدت أهميتها السياسية مع مرور الوقت.


    إقامة الحدود وتغييرها
    يصعب عادة تقليص مساحة الوحدات المكونة القائمة في الأنظمة الفدرالية بعدإقامتها. إن إقامة وحدات جديدة أو توسيعها بإضافة أقاليم خاضعة للسلطة الفدراليةيعتبر أمرًا أسهل. وقد جرى أحيانًا إعادة رسم الحدود في فترات استثنائية من الحرب الأهلية أو الحكم العسكري. إن البلاد الوحدية التي تتجه نحو الفدرالية قد تتبع حدودًا تاريخية أو تحتاج لتطوير معايير جديدة لرسم الحدود. يصعب عادة تقليل حجم أراضي الوحدات المكونة القائمة أثناء فترات طبيعية من الحكمالديمقراطي، بالرغم من أن عدد الوحدات المكونة لأي اتحاد فدرالي وخصائصها قد تؤثر بشدة على عمله واستقراره. وغالبًا ما يكون من الضروري أن توافق الوحداتالمكونة على هذا الإجراء، ويتم ذلك أحيانًا من خلال إجراء يتضمن استفتاءًا شعبيًا.
    وأبرز الأمثلة على ذلك هي الهند، حيث لم يكن للولايات أي رأي، ونيجيريا حيث
    قامت الأنظمة العسكرية بإعادة رسم الحدود بطريقة جذرية.
    أما الإجراء الذي يعتبر أكثر طبيعية وديمقراطية فهو إقامة ولايات ومقاطعات جديدةمن المناطق السابقة في كل من الولايات المتحدة والبرازيل والأرجنتين وكندا. وتوجدفي معظم الأنظمة الفدرالية إجراءات تعديلية خاصة لإنشاء وحدات مكونة جديدةغالبًا ما تتطلب نوعًا من الموافقة من الوحدات المكونة القائمة أو أغلبية خاصة في المجلس البرلماني الثاني (مجلس الشيوخ/الأعيان) على الأقل.
    ويجب أن تقرر الدول الوحدية السابقة عدد الوحدات وحدودها إذا تحولت إلى اتحادات فدرالية. وقد تتبع حدود الوحدات الجديدة الحدود التقليدية للوحدات الإداريةأو الوحدات السياسية السابقة (كما هو الحال في أسبانيا). كما يمكن أن تقوم في بعض الحالات على أساس بيانات الإحصاء السكاني فيما يتعلق بخصائص السكان المحليين أو على استفتاء شعبي. إن قضية عدد الوحدات وحدودها قد تشكل تحديًا بصفة خاصةفي البلاد التي تتجه نحو الفدرالية ولكنها تفتقر إلى أي تراث فيما يتعلق بالوحدات الداخلية أو الحدود: وهذا موضوع هام جدًا في العراق وفي النقاش الدائر في نيبال بشأن الفدرالية.

    • Blogger Comments
    • Facebook Comments

    0 التعليقات:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: الوحدات المكونة للفيدرالية Rating: 5 Reviewed By: احمد هندي
    Scroll to Top custom blogger templates